الحديدة الهدف القادم للتحالف السعودي .. هل سيزيد من حدة المنافسة الدولية في الملف اليمني..؟
يمنات
عبد الوهاب الشرفي
باتت المؤشرات قوية و تصل لحد اليقينية فيما يتعلق بأن التحالف السعودي قد وضع مدينة الحديدة اليمنية و مينائها هدفه القادم ضمن مايعرف بمعركة الساحل الغربي لليمن.
تصريحات التحالف التي تصدر على لسان العسيري الناطق الرسمي باسمه تقطع بالتوجه لمعركة الحديدة فقد قال بصريح العبارة “عودة ميناء الحديدة الى الشرعية مسالة وقت”، و ما هو غير معلن حتى الآن هو موعد انطلاقها فقط, كما بات استحضار الحديدة في كل تصريحات التحالف و ربط كثير من التطورات بها مثل التعليق على الصواريخ الاربعة الاخيرة التي اطلقت على السعودية وان ميناء الحديدة يستخدم لتهريب الاسلحة من ايران, وقبلها اثار التحالف مسألة المساعدات الانسانية، و طلب ان تكون هذة المساعدات تحت اشراف اممي في ميناء الحديدة, و بالطبع كل هذا الحراك السياسي والاعلامي هو بهدف التمهيد لمعركة الحديدة التي تلو ح في الافق, كذلك كان ميناء الحديدة محل تصريحات لمسئولين امريكيين والهدف هو ذاته.
مثلت زيارة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان لواشنطن و التقاءه بالرئيس الامريكي ترامب فرصة للدفع اكثر بالموقف الامريكي باتجاه زيادة المساندة للتحالف السعودي في اليمن و تلقى محمد بن سلمان وعودا بالعمل على زيادة المساندة الامريكية للتحالف السعودي، و كانت الحديدة احد النقاط التي ذكرت تحديدا فيما يتعلق بهذه المساندة، و ادلى اكثر من مسئول امريكي في البيت الابيض و في البنتاغون بتصريحات مفادها ان الترتيبات لتقديم هذه المساندة جارية.
تجد الولايات المتحدة في حاجة التحالف السعودي للمساندة في اليمن فرصة مثالية, اولا لتجسيد ترامب تصريحاته ضد ايران وتعهداته بالعمل على مواجهتها في المنطقة و اليمن ستكون مثالية لذلك لأن افتتاح المواجهة فيها ستكون اقل احتمالا للتبعات السلبية من بداية المواجهة في اي ملف اخر حسب تقديرات بعض مستشاري البيت الأبيض بأن المواجهة في اليمن لن تستثير روسيا كما لو تمت في اي مكان اخر ضمن الملفات المرشحة في المنطقة.
و ثانيا ان الادارة الامريكية تدرك حجم الورطة السعودية في الملف اليمني و طول المعركة التي دخلت عامها الثالث ما جعلها مستنزفة بقدر كبير للسعودية اقتصاديا من جهة ومستنزفة لها معنويا من جهة اخرى لعدم تمكنها من حسمها مع محدودية قدرات خصومها في اليمن ما يعرض هيبة السعودية للهدر لفشلها امام خصم محدود على حدودها مع انها قد سخرت الكثير من قدراتها ومقدراتها و استعانت بتحالف من 17 دولة تشاركها قتاليا او لوجستيا، و بالتالي فالملف اليمني يمثل فرصة جيدة للادارة الامريكية لاستثمار خدماتها العسكرية و السياسية بشكل جيد بالاستفادة من الورطة السعودية و حاجتها للمساندة الامريكية على امل تحقيق تقدم هيكلي يغير من معادلة القوى على الارض لصالح التحالف السعودي و سيمكن للادارة الامريكية ان تستفيد اكثر مقابل تقديم هذه الخدمة وقد بدأت السعودية بالدفع بتقديمها مئتي مليار دولار للولايات المتحدة خلال زيارة ابن سلمان لها.
بالمقابل ترقب روسيا المشهد في اليمن بتركيز شديد يبدو انه غاب عن تقديرات مستشاري البيت الابيض عند تقديرهم ان مستوى المنافسة مع روسيا في الملف اليمني ستكون محدودة لاعتبار الموقف الروسي الذي يتعامل مع الفرقاء اليمنيين على السواء، وبالتالي لن تستثار روسيا نتيجة تقدم التحالف السعودي لأن ذلك يمثل تقدما لطرف هادي وحكومته الذي لايفرق من وجهة النظر الروسية عن خصمه طرف الحوثي و صالح.
تقديرات روسيا للاعدادات لمعركة الحديدة دفعت بها للخروج بتحذير رسمي مما سيترتب على قيام التحالف السعودي بمساندة امريكية بمهاجمة ميناء الحديدة، و دفعت بها كذلك لدعوة لمجلس الامن الدولي للاجتماع على ذات الخلفية، و يمكن من خلال الموقف الروسي تجاه احتمالات معركة الحديدة ادراك ان الموقف الروسي تجاه الملف اليمني سيختلف بقدر كبير في حال مهاجمة التحالف للحديدة و مينائها و قد يمثل مفاجاءة للولايات المتحدة و التحالف السعودي.
على خلاف الموقف الروسي في سوريا المتواجد بموقف قوي في مختلف تفاصيل الملف السوري كان الموقف الروسي مخليا الساحة في الملف اليمني لما يعرف بالرباعية دون تدخلات او اعتراضات روسية الا في حالة محاولات تحويل مواقف الرباعية الى مواقف اممية، و ليس الامر هنا متعلق بتفضيلات محلية بين الاطراف اليمنية بقدر ما كان دفاعا روسيا عن حظورها الاممي.
كانت روسيا تدرك طوال الفترة الماضية من حرب التحالف السعودي على اليمن ان طرف الحوثيين وصالح قادر ان يصمد في وجه التحالف وطرف هادي ما يجعل معادلة القوى في الملف اليمني تضمن فرصة روسيا متوافرة عندما تقرر هي انتهازها، لكن يبدو ان الموقف الروسي سيختلف تماما في حال الاقدام على مهاجمة الحديدة و مينائها فهذه المعركة اذا ما تمت فروسيا تستشعر ان ما سيترتب عليها هو الاخلال الكامل بمعادلة القوى التي سادت في الملف اليمني طوال الفترة الماضية، ما يعني ان الفرصة الروسية التي ظلت متاحة طوال الفترة الماضية قد تضمحل و تجد روسيا نفسها مقصية تماما من عملية تشكيل الحالة السياسية القادمة في اليمن تبعا لاقصاء الطرف المحلي الوازن في معادلة القوى تلك.
تظل عملية تشكيل الحالة السياسية في الجغرافية واحدة من اهم اهتمامات الادارة الروسية وما بدى عليها من حالة اللاعتناء في الفترة الماضية هو امر ترتب على ضمان فرصتها في ظل معادلة القوى في الملف اليمني لكن محاولة الاخلال بها بمهاجمة الحديدة و مينائها ستتعامل معه روسيا باعتباره تهديدا مباشرا لحضورها الدولي و لن يكون موقفها هو ذات الموقف الذي ساد الفترة الماضية تجاه الملف اليمني، فمسألة الحالة السياسية في الجغرافيا اليمنية هي مسألة ذات علاقة مباشرة بأي تطورات في مختلف الملفات التي تهتم بها روسيا بشكل محوري من سوريا الى مصر الى ليبيا و الجزائر، و لن تسمح روسيا بتغييبها من الوجود في صياغة هذه الحالة السياسية التي ستكون الحاكمة افتراضا لأخطر ممر مائي في العالم يمكن لمن يسيطر عليه ان يغير كثير من المعادلات الاقليمية و الدولية.
الارجح ان التحالف السعودي و الولايات المتحدة لايقدران الموقف الروسي جيدا فيما يتعلق بالملف اليمني وسيفاجأن يتغير كبير في الموقف و الدور الروسي في حال مهاجمتهما للحديدة و مينائها قد تحرك فيه روسيا الكثير من الاوراق التي بحوزتها بما فيها الملف الصيني ما سيجعل من الملف اليمني نقطة مرتبطة بشكل مباشر بمختلف الملفات الاخرى في المنطقة، و ما يترتب على ذلك من حدة التجاذب الاقليمي و الدولي في الملف اليمني.
للاشتراك في قناة موقع يمنات على التليجرام انقر هنا